و لم يرجع عثمان رضي الله عنه حتى بلغه صلى الله عليه و سلم أنه قد قتل عثمان فحمي لذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم دعا أصحابه إلى البيعة على القتال فبايعوه تحت شجرة هناك و كانت سمرة و كان عدة من بايعه هناك جملة من قدمنا أنه خرج معه إلى الحديبية إلا الجد بن قيس فإنه كان قد استتر ببعير له نفاقا منه و خذلانا و إلا أبا سريحة حذيفة بن أسيد فإنه شهد الحديبية و قيل : إنه لم يبايع و قيل : بل بايع
إن أول من بايع يومئذ أبو سنان : و هب بن محصن أخو عكاشة بن محصن و قيل : ابنه سنان بن أبي سنان و بايع سلمة بن الأكوع رضي الله عنه يومئذ ثلاث مرات بأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم له بذلك كما رواه مسلم عنه ووضع صلى الله عليه و سلم إحدى يديه عن نفسه الكريمة ثم قال : و هذه عن عثمان رضي الله عنه فكان ذلك أجل من شهوده تلك البيعة و أنزل الله عز و جل في ذلك : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك } [ و قال صلى الله عليه و سلم : لا يدخل أحد ممن بايع تحت الشجرة النار ]
فهذه هي بيعة الرضوان
[ و لما فرغ النبي صلى الله عليه و سلم من مقاضاة المشركين كما قدمنا شرع في التحلل من عمرته و أمر الناس بذلك فشق عليهم و توقفوا رجاء نسخه فغضب النبي صلى الله عليه و سلم من ذلك فدخل على أم سلمة فقال لها ذلك فقالت : اخرج أنت يا رسول الله فاذبح هديك واحلق رأسك والناس يتبعونك يا رسول الله فخرج ففعل ذلك فبادر الناس إلى موافقته فحلقوا كلهم إلا عثمان بن عفان و أبا قتادة الحارث بن ربعي فإنهما قصرا ] ذكره السهيلي في الروض الأنف
و كاد بعضهم يقتل بعضا غما لأنهم يرون المشركين قد ألزموهم بشروط كما أحبوا و أجابهم صلى الله عليه و سلم إليها و هذا من فرط شجاعتهم رضي الله عنهم و حرصهم على نصر الإسلام و لكن الله عز و جل أعلم بحقائق الأمور و مصالحها منهم و لهذا لما انصرف صلى الله عليه و سلم راجعا إلى المدينة أنزل الله عز وجل عليه سورة الفتح بكمالها في ذلك و قال عبد الله بن مسعود : إنكم تعدون الفتح فتح مكة و إنما كنا نعده فتح الحديبية و صدق رضي الله عنه فإن الله سبحانه و تعالى جعل هذه هي السبب في فتح مكة كما سنذكره بعد أن شاء الله تعالى
و عوض من هذه خيبر سلفا و تعجيلا
بر