فلما أسندوا في الجبل أدركه أبي بن خلف على جواد يقال له العود زعم الخبيث أنه يقتل رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما اقترب تناول رسول الله صلى الله عليه و سلم الحربة من ( يد ( الحارث بن الصمة فطعنه بها فجاءت في ترقوته و يكر عدو الله منهزما فقال له المشركون : و الله ما بك من بأس فقال : و الله لو كان ما بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون إنه قال لي : إنه قاتلي ولم يزل به ذلك حتى مات بسرف مرجعه إلى مكة لعنه الله
و جاء علي رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بماء ليغسل عنه الدم فوجده آجنا فرده و أراد صلى الله عليه و سلم أن يعلو صخرة هناك فلم يستطع لما به صلى الله عليه و سلم و لأنه ظاهر يومئذ بين درعين فجلس طلحة تحته حتى صعد وحانت الصلاة فصلى جالسا ثم مال المشركون إلى رحالهم ثم استقبلوا طريق مكة منصرفين إليها و كان هذا كله يوم السبت
و استشهد يومئذ من المسلمين نحو السبعين منهم حمزة عم رسول الله صلى الله عليه و سلم قتله وحشي مولى بني نوفل و أعتق لذلك و قد أسلم بعد ذلك و كان أحد قتلة مسيلمة الكذاب لعنه الله و عبد الله بن جحش حليف بني أمية و مصعب بن عمير و عثمان بن عثمان و هو شماس بن عثمان المخزومي سني بشماس لحسن وجهه فهؤلاء أربعة من المهاجرين و الباقون من الأنصار رضي الله عنهم جميعهم فدفنهم في دمائهم و كلومهم ولم يصل عليهم يومئذ
و فر يومئذ من المسلمين جماعة من الأعيان منهم عثمان بن عفان رضي الله عنه و قد نص الله سبحانه على العفو عنهم فقال عز وجل : { إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم }
وقتل يومئذ من المشركين اثنان و عشرون
و قد ذكر سبحانه هذه الوقعة في سورة آل عمران حيث يقول : { وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم * } الآيات