و نهض رسول الله صلى الله عليه و سلم بنفسه الكريمة إلى بني النضير ليستعين على ذينك القتيلين لما بينه و بينهم من الحلف فقالوا : نعم و جلس صلى الله عليه و سلم هو و أبو بكر و عمر و علي و طائفة من أصحابه رضي الله عنهم تحت جدار لهم فاجتمعوا فيما بينهم و قالوا : من رجل يلقي بهذه الرحا على محمد فيقتله ؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش لعنه الله و أعلم الله رسوله بما هموا به فنهض صلى الله عليه و سلم من وقته من بين أصحابه فلم يتناه دون المدينة و جاء من أخبر أنه رآه صلى الله عليه و سلم داخلا في حيطان المدينة فقام أبو بكر و من معه فاتبعوه فأخبرهم بما أعلمه الله من أمر يهود فندب الناس إلى قتالهم فخرج و استعمل على المدينة ابن أم مكتوم و ذلك في ربيع الأول فحاصرهم ست ليال منه و حينئذ حرمت الخمر كذا ذكره ابن حزم و لم أره لغيره
و دس عبد الله بن أبي بن سلول و أصحابه من المنافقين إلى بنى النضير : أنا معكم نقاتل معكم وإن أخرجتم خرجنا معكم فاغتر أولئك بهذا فتحصنوا في آطامهم فأمر صلى الله عليه و سلم بقطع نخيلهم و إحراقها فسألوا رسول الله أن يجليهم و يحقن دماءهم على أن لهم ما حملت إبلهم غير السلاح فأجابهم إلى ذلك فتحمل أكابرهم كحيي بن أخطب و سلام بن أبي الحقيق بأهليهم وأموالهم إلى خيبر فدانت لهم و ذهبت طائفة منهم إلى الشام و لم يسلم منهم إلا رجلان وهما أبو سعد بن و هب و يامين بن عمير بن كعب و كان قد جعل لمن قتل ابن عمه عمرو بن جحاش جعلا لما كان قد هم به من الفتك برسول الله صلى الله عليه و سلم فأحزا
أموالهما و قسم رسول الله أموال الباقين بين المهاجرين الأولين خاصة إلا أنه أعطى أبا دجانة و سهل بن حنيف الأنصاريين لفقرهما و قد كانت أموالهم مما أفاء الله على رسوله فلم يوجف المسلمون بخيل و لا ركاب و في هذه الغزوة أنزل الله سبحانه سورة الحشر وقد كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يسميها سورة بني النضير